فضيلة الشيخ عبد الله السيد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالقرآن الكريمالتسجيلدخول

 

 ما حكم تارك الصلاة؟

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أيمن محمد عبد الغفار
التنسيق والمتابعة
التنسيق والمتابعة
أيمن محمد عبد الغفار


عدد المساهمات : 205
تاريخ التسجيل : 21/12/2009
العمر : 35

ما حكم تارك الصلاة؟ Empty
مُساهمةموضوع: ما حكم تارك الصلاة؟   ما حكم تارك الصلاة؟ I_icon_minitimeالأربعاء يناير 27, 2010 3:03 pm

ما حكم تارك الصلاة؟

س: من القاهرة جاء هذا السؤال:
شخص عربي يدعي أنه مسلم ولكن لا يصلي ولا يصوم طول حياته. هل يجب إلقاء السلام عليه؟ وهل يجب الصلاة عليه إذا مات؟ وفي هذا المعنى جاءنا هذا السؤال من الدوحة يقول: ما حكم تارك الصلاة؟؟

ج: ما الرأي في إنسان عينته هيئة أو مؤسسة لأداء وظيفة محددة، يتقاضى منها راتبه، ويكون مسئولا عنها، ولكنه لم يؤد حق الوظيفة عليه، فتخلف عن العمل أياما كاملة أو ساعات من أيام، وهو قادر مختار ليس بمريض ولا مقهور؟
قد يختلف أعضاء لجنة الرأي في مثل هذا الموظف: فيرى بعضهم أنه أخل بالتزاماته الجوهرية نحو عمله، فلا عقوبة له إلا فصله وحرمانه من الوظيفة، ويرى آخرون أن يجازى بعقوبة أخرى غير الفصل مادام غير مستخف بالعمل ولا مستهزئ به.
وهذا المثل يوضح لنا موقف أئمة الإسلام في المسلم الذي ترك العبادات عمدا وبخاصة الصلوات المفروضة اليومية.
فيرى بعضهم أن الوظيفة الأولى للمسلم، بل للإنسان في الحياة، هي عبادة الله وحده، وتركها يعد إخلالا بعمل المسلم الجوهري، فلهذا لا يستحق هذا اسم الإسلام، ولا الانضواء تحت لوائه. ويؤيد هذا الرأي ما جاء في الحديث الصحيح (بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة)(رواه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة وأحمد). (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)(رواه أحمد وأصحاب السنن).
ويرى آخرون أنه إذا لم يكن منكرا ولا مستخفا بفرائض الإسلام، وكان مقرا بتقصيره، نادما عليه، تواقا إلى التوبة، فهذا يظل في زمرة المسلمين محكوما له بالإسلام.
ذلك أن تارك الصلاة أحد رجلين:
إما أن يتركها إنكارا لوجوبها، أو استخفافا بها، واستهزاء بحرمتها فهذا كافر مرتد بإجماع المسلمين. لأن وجوب الصلاة ومنزلتها في الإسلام معلوم من هذا الدين بالضرورة، فكل منكر لها، أو مستخف بها يكون مكذبا لله ولرسوله، وليس في قلبه من الإيمان حبة خردل. وهو مثل الكفار الذين وصفهم الله بقولهSadوإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا ذلك بأنهم قوم لا يعقلون)المائدة :58
ومن هنا نعرف منزلة الذين يعتبرون الصلاة والعبادة من مظاهر التأخر والرجعية، ويسخرون من الذين يقيمون الصلاة.
وإما أن يتركها كسلا، وانشغالا بالدنيا، واتباعا للهوى، ووسوسة الشيطان فهذا قد اختلف فيه العلماء: هل هو كافر أم فاسق؟ وإذا كان فاسقا فهل يستحق القتل أم يكفي التعزير بالضرب والحبس؟
فالإمام أبو حنيفة يقول: هذا فاسق بترك الصلاة، ويجب أن يؤدب ويعزر بأن يضرب ضربا شديدا حتى يسيل منه الدم، ويحبس حتى يصلي. ومثله تارك صوم رمضان.
وقال الإمامان مالك والشافعي: هو فاسق وليس بكافر، ولكن لا يكفي جلده وحبسه وإنما عقوبته قتله إذا أصر على ترك الصلاة.
وقال الإمام أحمد -في أشهر الروايات عنه-: هذا التارك للصلاة كافر مارق من الدين. وليس له عقوبة إلا القتل فيجب أن يطلب منه التوبة إلى الله والرجوع إلى الإسلام بأداء الصلاة فإن أجاب فبها وإلا ضربت عنقه.
والواقع أن ظواهر النصوص من الكتاب والسنة تؤيد هذا المذهب الذي قال به إمام السنة أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه وغيرهما.
فالقرآن يجعل ترك الصلاة من خصائص الكفار (وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون)المرسلات:48 وقال في وصفهم يوم القيامةSadيوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون، خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون)القلم:43
ولا يستحق عصمة الدم وأخوة المسلمين في نظر القرآن إلا من تاب من الشرك وأقام الصلاة، وآتى الزكاة، قال تعالى في شأن المشركين المقاتلينSadفإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم)التوبة:5 وقال بعد ذلك: (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين)التوبة:11.
ويحدثنا القرآن عن صورة من صور الآخرة. حيث الكفرة المجرمون في نار سقر، والمؤمنون من أصحاب اليمين يسألونهم: (ما سلككم في سقر؟) أي ما الذي أدخلكم هذه النار؟(قالوا لم نك من المصلين، ولم نك نطعم المسكين، وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين)المدثر:42.فكان أول مظهر من مظاهر كفرهم وإجرامهم أنهم لم يكونوا من المصلين.
وإذا رجعنا إلى السنة وجدنا الأحاديث النبوية تؤكد كفر تارك الصلاة.
فعن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة) رواه مسلم وعن بريدة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) ورواه الخمسة وصححه النسائي والحافظ العراقي.
وجاء عن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (لا تترك الصلاة متعمدا فإن من ترك الصلاة متعمدا فقد برئت منه ذمة الله) رواه الطبراني في الأوسط بإسناد، قال المنذري: لا بأس به في المتابعات.
وعن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر الصلاة يوما فقال: (من حافظ عليها كانت له نوراً وبرهاناً ونجاةً يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نوراً ولا برهاناً ولا نجاةً، وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف) رواه أحمد قال الهيثمي: ورجاله ثقات.
يقول ابن القيم رحمه الله: "من شغله عن الصلاة ملكه حشر مع فرعون، ومن شغله عنها ماله حشر مع قارون، ومن شغله عن الصلاة جاهه حشر مع هامان، ومن شغله عنها تجارته حشر مع أبي بن خلف".
فإذا كان من لم يحافظ على الصلاة يحشر مع هؤلاء الكفرة العتاة -وهم أشد أهل النار عذابا فما بالكم بمن تركها تركا كليا وعاش عمره لم يركع لله ركعة ولا سجد له سجدة؟
وقال صلى الله عليه وسلم: (من ترك صلاة العصر حبط عمله)(رواه أحمد والبخاري والنسائي عن بريدة).
فإذا كان ترك صلاة واحدة يحبط العمل فكيف بمن ترك الصلوات كلها؟
وروى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم هم أن يحرق على قوم بيوتهم لأنهم يتخلفون عن الجماعات(الحديث في الصحيحين) فكيف بمن لا يصلي أصلاً؟
وأخبر القرآن عن المنافقين أنهم إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى، فكيف بمن لا ينهض إلى الصلاة أبداً، لا نشيطاً ولا كسلان؟
هذه هي نصوص القرآن والسنة في شأن تارك الصلاة.
ولهذا لم يخالف أحد من الصحابة في تكفير من تركها متعمداً واعتباره خارجا من دين الإسلام.
روى الترمذي -وصححه- عن عبد الله بن شقيق العقيلي رضي الله عنه قال: (كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة) وعبارة الراوي تشعر أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا متفقين على هذا الرأي. ولهذا لم ينسبه إلى واحد معين منهم. وهذا ما رواه أهل العلم وأصحاب الأثر عن الصحابة والتابعين وفقهاء الحديث.
فعن علي كرم الله وجهه قال: من لم يصل فهو كافر.
وعن ابن عباس: من ترك الصلاة فقد كفر.
وعن ابن مسعود: من ترك الصلاة فلا دين له.
وعن جابر بن عبد الله: من لم يصل فهو كافر.
وعن أبي الدرداء: لا إيمان لمن لا صلاة له ولا صلاة لمن لا وضوء له.
وقال محمد بن نصر المروزي في كتابه عن "الصلاة": سمعت إسحق -يعني ابن راهويه يقول: صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن تارك الصلاة كافر، وكذلك كان رأي أهل العلم من لدن النبي صلى الله عليه وسلم أن تارك الصلاة عمداً من غير عذر حتى يذهب وقتها كافر.
وعن أيوب السختياني قال: ترك الصلاة كفر لا يختلف فيه.
قال الحافظ المنذري بعد أن أورد هذه الآثار والأحوال: قد ذهب جماعة من الصحابة ومن بعدهم إلى تكفير من ترك الصلاة متعمدا لتركها حتى يخرج جميع وقتها منهم: عمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، ومعاذ بن جبل، وجابر بن عبد الله، وأبو الدرداء: رضي الله عنهم ومن غير الصحابة: أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وعبد الله بن المبارك، والنخعي، والحكم بن عتيبة، وأيوب السختياني، وأبو داود الطيالسي، وأبو بكر بن أبي شيبة، وزهير بن حرب وغيرهم. رحمهم الله تعالى"(الترغيب والترهيب ج1 كتاب الصلاة فصل الترهيب من ترك الصلاة تعمدًا).
هذا ما نقله الأئمة الحفاظ عن الصحابة ومن بعدهم في تكفير من ترك صلاة واحدة متعمدا حتى يخرج جميع وقتها، فكيف يكون رأيهم فيمن سلخ من عمره سنين تطول أو تقصر ولم يحن جبهته لله ساجدا في يوم من الأيام؟
هذا هو تارك الصلاة. فإما أنه كافر إذا تركها منكرا لها أو مستخفا بوجوبها. وإذا لم يكن منكرا ولا مستخفا فهو بين أن يكون كافرا مرتدا كما هو ظاهر الأحاديث، وظاهر ما أفتى به الصحابة ومن بعدهم، وأن يكون فاسقا بعيدا عن الله.
فأخف الآراء فيه أنه فاسق يخشى عليه الكفر. فمما لا ريب فيه أن الذنوب يجر بعضها إلى بعض، فالصغائر تجر إلى الكبائر، والكبائر تجر إلى الكفر.
ولهذا يجب على كل من ينتسب إلى الإسلام أن يراجع نفسه، ويتوب إلى ربه، ويصحح دينه، ويصمم على إقامة الصلاة.
كما يجب على المتدينين أن يقاطعوا كل تارك للصلاة، مصر على تركها، بعد أن يسدوا إليه النصيحة، ويأمروه بالمعروف، وينهوه عن المنكر.
قال الإمام ابن تيمية في تارك الصلاة: لا ينبغي السلام عليه، ولا إجابة دعوته.
وكذلك لا يجوز للأب أن يزوج ابنته من تارك للصلاة لأنه في الحقيقة ليس بمسلم وليس أهلا لها. ولا أمينا عليها، ولا على أولادها.
ولا يجوز لصاحب المؤسسة أن يوظف تارك الصلاة لأنه يعينه برزق الله على معصية الله، ومن ضيع حق الله الذي خلقه وسواه فهو لحقوق عباده أكثر تضييعا وإهمالا.
ومن هنا تتضح مسئولية المجتمع عن هذه الفريضة التي هي عماد الدين، والتي لم يجعل الله لأحد عذرا في تركها، إلا أن يكون مريضا مرضا أفقده وعيه بحيث لا يفهم الخطاب وما دون ذلك من الأمراض لا تسقط به الصلاة ولو كان قعيدا، أو مشلولا، أو مثخنا بالجراح.
فالشرع يقول للمريض: تطهر كيف استطعت، وصل كيف استطعت ولا تترك الصلاة، تطهر بالماء فإن لم تجد فتيمم صعيدا طيبا. صل قائما فإن لم تستطع فصل قاعدا فإن لم تستطع فصل مضطجعا على جنبك، أو مستلقيا على ظهرك، مشيرا برأسك، أو مومئا بحاجبيك كما قال تعالى (فاتقوا الله ما استطعتم) التغابن:16.
المجتمع مسئول إذاً عن إقامة هذه الفريضة، وبخاصة كل ذي سلطان في سلطانه: كالأب مع أولاده الصغار، والزوج مع زوجته قال تعالى: (وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى)طه:132 وقال عليه الصلاة والسلام: (مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر)(رواه أحمد وأبو داود والحاكم بإسناد حسن). وقال تعالى: (يأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة)التحريم:6.
فإذا كان الزوج حريصا على زوجته، محبا لها، وإذا كان الأب حريصا على أولاده، محبا لهم، فليحمهم من النار، وليأمرهم بطاعة الله تعالى، وأولها الصلاة.
بقي من سؤال الأخ الكويتي جزء عن تارك الصلاة.
هل يصلى عليه إذا مات أم لا؟
فالجواب أن هذا مبني على القول بكفره أو فسقه. فمن اكتفى بالقول بأنه فاسق قال: يصلى عليه، ويدفن مع المسلمين وأمره مفوض الى الله اذا مات على الاسلام. ومن قال بكفره مثل الإمام أحمد وغيره قال: لايصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين.
وهنا فائدة ننبه عليها وهي الصحيح في مذهب أحمد: أنه لا يحكم بكفر تارك الصلاة إلا إذا دعاه الإمام -أو نائبه كالقاضي مثلا- إلى أداء الصلاة فامتنع، أما قبل ذلك فلا نحكم عليه بالكفر، ويترك أمره إلى الله.
هذا كله في تارك الصلاة وحدها، فإذا أضاف إلى ترك الصلاة ترك الصيام والفرائض الأخرى، فقد تأكد فسقه عند القائلين بالفسق، وكفره عند القائلين بالكفر.
روى أبو يعلى بإسناد حسن عن ابن عباس -قال حماد بن زيد ولا أعلمه إلا قد رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم- قال: (عرا الإسلام، وقواعد الدين ثلاثة عليهن أسس الإسلام من ترك واحدة منهن فهو بها كافر حلال الدم: شهادة أن لا إله إلا الله، والصلاة المكتوبة، وصوم رمضان).
وكفى بهذا الحديث وأمثاله زاجرا ورادعا لمن كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان. والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.


المأثور وغير المأثور في أدعية الوضوء

س: نسمع بعض الناس يرددون أدعية معينة أثناء الوضوء، فما حكم هذه الأدعية، وما حكم الوضوء بدونها؟

ج: كثير من المسلمين يعتقدون أن مثل هذه الأدعية مفروضة، وأن الوضوء لا يصلح إلا بها، حتى إني سألت بعض الناس يوما: لماذا لا تصلي؟ فقال: لأني لا أعرف أن أتوضأ؟ فعجبت منه وقلت: هل هناك أحد لا يعرف أن يغسل وجهه ويديه، ويمسح على رأسه، ويغسل رجليه؟ فأجاب: إني لا أحفظ ما يقوله الناس من الأدعية… ظنا منه أن تلك الأدعية من لوازم الوضوء.
والحق: أنه لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في الوضوء إلا قوله: اللهم اغفر لي ذنبي، ووسع لي في داري، وبارك لي في رزقي.
وهناك من يذهب إلى أنه عليه الصلاة والسلام، كان يقول ذلك أثناء الوضوء، ومنهم من يذهب إلى أنه عقب الوضوء(رواه النسائي وابن لسني بإسناد وصحيح لكن النسائي أدخله في باب ما يقول بعد الفراغ من الوضوء) .
وكان إذا فرغ من الوضوء يقول: أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
ومثل ذلك سنة، وليس هناك دعاء واجب في الوضوء بصفة عامة، والأدعية التي يقولها الناس ليست بواجبة ولا سنة، لأنها لم ترد عن النبي عليه الصلاة والسلام ولا عن أحد من أصحابه.
كأن يقول عند بداية الوضوء: الحمد لله الذي جعل الماء طهورا، والإسلام نورا. وعند الاستنشاق: اللهم أرحني برائحة الجنة.
وعند غسل الوجه: اللهم بيض لي وجهي يوم تبيض وجوه وتسود وجوه. وعند غسل يده اليمنى: اللهم أعطني كتابي بيميني.
وعند مسح الرأس: اللهم حرم شعري وبشرتي على النار.
وهذه الأدعية وأمثالها محدثة بعد القرون الأولى، ولم يرد منها شيء مأثور وقد جاء في الحديث: (إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة)(رواه أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح). والخير كل الخير أن نقف في أمور العبادات عند حدود ما جاء به الشرع، ولا نتجاوز السنن إلى المبتدعات فإن أصل الدين أمران:
الأول: ألا يعبد إلا الله، وهذا هو التوحيد.
الثاني: ألا يعبد إلا بما شرع، ولا يعبد بالأهواء والبدع.
وبالله التوفيق.


جواز المسح على الجوربين

س: هل يجوز المسح على الجوربين في الصلاة؟

ج: يجوز المسح على الجوربين إذا لبسهما على طهارة، فإذا انتقض وضوؤه وهو لابس الجوربين، وأراد أن يتوضأ، عندئذ يصح له أن يمسح عليهما، ويكفيه هذا لمدة أربع وعشرين ساعة إذا كان مقيما، وإذا كان مسافرا فلمدة ثلاثة أيام.
وهذا أمر يسهل على الناس الوضوء خاصة في أيام الشتاء الباردة، حيث يشتد البرد ويخشى المرء أن يخلع جوربيه ويغسل رجليه بالماء البارد… والإسلام كما هو معلوم دين يسر لا عسر.
وقد جاء هذا عن أكثر من عشرة من الصحابة، أفتوا جميعهم بجواز المسح على الجوربين. وبعض الفقهاء اشترطوا لذلك شروطا مشددة، مثل: أن يستطيع المشي بهما، وألا يكون بهما خرق بمقدار ثلاثة أصابع، وغير ذلك، وهذه الشروط -في الحقيقة- لم ترد في السنة المطهرة، والأمر كله مبني على التيسير، فإذا كان الصحابة قد أفتوا بهذا، فيجوز للمسلم أن يتبع هذه الرخصة… وكثير من الناس اليوم يتركون الصلاة استثقالا لها، ويعود هذا الاستثقال في كثير من الأحيان إلى تلك الملابس المعقدة التي يرتدونها، فيثقل على من ليس له إرادة قوية وإيمان قوي، أن يخلع حذاءه وجوربه ويتوضأ…
فإذا قلنا له: إنك تستطيع أن تمسح على الجورب مادمت قد لبسته على طهارة من قبل، فهذا ييسر عليهم كثيرا، وقد جربت هذا وشاهدته ولمست أثره في كثير من المعاصرين.
ومن واجب العالم المسلم أن ييسر على الناس ما استطاع، وأن يراعي عصره، وهذا هو منهجي في الحقيقة… التيسير لا التشديد في الأمور التي فيها سعة في الدين، وهذا المنهج إنما رجحته لسببين:
الأول: أن التيسير هو روح هذا الشرع… وروح هذا الدين. وقد ختم الله آية الطهارة بقوله: (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون)المائدة:6.
وختم آية الصيام بقوله: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)البقرة:185
الثاني: أن الناس في عصر كثرت فيه الفتن، وأصبح القابض على دينه كالقابض على الجمر، ومن واجبنا أن نعين الناس على أن يتدينوا لا أن ننفرهم من الدين. والتشديد ينفر، بينما التيسير ييسر ويقرب من الدين… ومن نفر من الدين فهو يتحمل مسئولية كبيرة أمام الله عز وجل.
فلهذا نقول لكل مسلم: إن الإسلام دين يسر ولا عسر فيه… وإن الله قد رفع الحرج عن هذه الأمة. وليس هناك حرج قط في أي تكليف من التكاليف.
والخلاصة التي أقولها للسائل الكريم:
إنه إذا توضأ ولبس جوربه على طهارة، ثم انتقض وضوؤه وأراد أن يتوضأ من جديد، فيستطيع أن يمسح على الجورب لمدة أربع وعشرين ساعة، إن كان مقيما، ولمدة ثلاثة أيام بلياليها إن كان مسافرا… وذلك رخصة من الله يسر بها على عباده، ولا حرج عليه في هذا إن شاء الله تعالى.



المسجد الذي أسس على التقوى

س: قال الله تعالى في محكم كتابه (لا تقم فيه أبدا، لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه)التوبة:180 ما المراد بهذا المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم؟

ج: المراد بهذا المسجد، إما مسجد قباء الذي بناه رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريق هجرته إلى المدينة، فقد نزل هناك وأسس هذا المسجد وكان هذا أول مسجد أسس في الإسلام، وإما هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه، فهو أيضا أسس على التقوى من أول يوم، وقد ورد بهذين الأمرين أحاديث صحيحة، أن المسجد المقصود بالآية هو مسجد قباء، وأنه هو مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا تنافي بين القولين ولا بين الروايتين، فكلا المسجدين أسس على التقوى من أول يوم، وكلاهما من المساجد العظيمة المباركة في الإسلام:
أما مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فهو ثاني الحرمين للمسلمين.
وأما مسجد قباء فقد قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (صلاة في مسجد قباء كعمرة) وقد جاءت هذه الآية تنهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يقوم في المسجد الذي بنى ضرارا، مضارة ومناوأة لمسجد قباء. بناه جماعة من المنافقين يتخذونه وكرا للفتن والفساد… وتفريق كلمة المؤمنين، ولهذا نهى الله نبيه عليه الصلاة والسلام أن يقوم فيه، أو أن يصلى فيه وقال: (لا تقم فيه أبدا) وذلك ليفسد على المنافقين أمرهم، ويحبط مكرهم، وإنما أمره بالقيام والصلاة في مسجده، وفي مسجد قباء، الذي أسس على التقوى من أول يوم فهو أحق أن يقوم فيه.



ترك الصلاة مع المسلمين بزعم أدائها في الكعبة

س: رأيت بعض المتمشيخين المدعين الولاية لا يقيم للصلاة المفروضة وزنا، وسألته: لم لا تصلي؟ فأجاب: إنني غير موفق لهذه الفريضة… ولكني سمعت صديقا لي يحدث بأن قريبا له كان في الحرم المكي يصلي، فلما سلم وجد هذا الشيخ بجانبه. فقال له: من أتى بك ههنا يا شيخ فلان؟ فأجابه: أسألك بالله أن تكتم هذا السر… أرجو أن تبينوا رأي الشرع في ذلك، وهل يمكن من يستخدم الجن أن يحمله خادمه إلى مكة مثلا إذا طلب منه مخدومه ذلك؟

ج: ما كنا بحاجة إلى أن نجيب ببطلان دجل الدجالين، فالله سبحانه حين آذننا بانتهاء الوحي قال: (اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)المائدة:3 وكمال الدين هو كمال شرائعه وتمام النعمة إنما يكون بسعادة من قسمت له وهذا الرجل الشقي الذي يذكر عن نفسه أنه غير موفق لأداء الصلاة، لا يمكن أن يكون في عداد أولياء الله، إذ ما كان لولي أن يبطل شرائع ربه، وشرط الولاية أن يكون الولي على كمال طاعة مولاه، فكيف يكون تارك الصلاة داخلا في زمرة الأولياء؟ وليس لأحد أن يحكم بمصير مثل هذا الدجال بعد أن حكم القرآن الكريم في محاورة تجرى بين أهل الجنة وبين المجرمين إذ نسمع أهل الجنة: (يتساءلون عن المجرمين ما سلككم في سقر؟ قالوا: لم نك من المصلين، ولم نك نطعم المسكين)المدثر:42،44.
إن الإيمان في القلب ولكن الإسلام علانية فالمسلم هو الذي يظهر إسلامه للناس: فيشهدون له بموجبه، من أداء الفرائض واجتناب المحارم فهو لهذا يشهد الجماعات، ويحضر المساجد مع المصلين، ليدفع عن نفسه التهمة. ولهذا أوجب الإمام أحمد صلاة الجماعة على كل رجل صحيح مقيم لا عذر له. وسائر الأئمة جعلوها فرض كفاية أو سنة مؤكدة.
وعلى فرض تسليم صحة حادث رؤيته في مكة فإن الإسلام يفرض علينا أن نبني حكمنا على الناس بقياس حالهم على أحكام الإسلام ومدى تحققهم بالطاعة الواجبة لله ورسوله، وفي ذلك يقول الإمام الشافعي رضي الله عنه: إذا رأيتم الرجل يطير في الهواء، ويمشي على الماء، فلا تعجلوا بالحكم بصلاحه، قبل أن تقيسوا أمره بكتاب الله عز وجل:
وقد تمت نعمة الله سبحانه على المسلمين الأول لما تحققوا بكمال الانقياد لأحكام دينهم، فكانوا خير أمة أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة، ويسوسون الناس ويقودون الدنيا… ومثل هذا الدجال بإبطال الصلاة ومخالفة القرآن إنما يشيع في أمته مخالفة ناموس السيادة الذي كنا به يوما من الأيام خير أمة أخرجت للناس، وبمثله تنحط الأمم، وتسقط الفرائض والواجبات، ولن تقدس أمة يسقط فيها الواجب.
وقد كان ابن صياد من هؤلاء الدجالين، وهو دجال كان يعيش في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم على عهده عليه السلام، وكان يعترض طريق الرسول، وينفخ بدنه، فإذا بدنه يتمدد حتى يسد الطريق… ولكن ما إن يقترب منه الرسول حتى يتلاشى كل شيء، فما رأي دجالكم المتمشيخ في هذا الذي كذب الرسول وعارضه؟ أيعتبر تمدد جسمه ولاية معارضة للنبوة؟
إن مرجع مثل هذه الحالات الشاذة في الأجسام إلى علم الله سبحانه، ولا دلالة فيها إطلاقا على رضوان الله تعالى، لأنها قد تطرأ على أعداء الله كما هو معروف من حال ابن صياد، وقد أكرم الله أبا بكر وعمر وعثمان وعليا وغيرهم من أجلاء الصحابة وكرام أولياء هذه الأمة أن تقوم على الدجل الجثماني، فإذا كان لأحدهم حال من تلك الأحوال فهي حال منفصلة كل الانفصال عن السر القائم بين العبد وربه… وهناك حالات كثيرة من حالات امتداد الأجسام أو انتقالها المسافات الطويلة، وبعض الناس ينكرها، وبعضهم يتوقف في الحكم عليها أي في تعليل سرها، إلا أن أحدا من علماء المسلمين أو غيرهم لم يذهب يوما إلى اعتبارها عنوان ولاية الله عز وجل.
أما استخدام الجان في حمل مخدوميهم إلى الأقطار النائية، فذلك أمر اختص به سليمان عليه السلام. إذ دعا ربه: (رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي)ص:35 وقد أجابه الله سبحانه، ولا ينبغي لأحد بعد سليمان أن يكون له مثل ذلك، وعباد البقر في الهند يمارسون الصيام والامتناع عن الشهوات، ويقبلون على تعذيب البدن وإضعاف قواه بأساليب موروثة من أعماق القدم، فيصل بعضهم في النهاية إلى أمور بدنية خارقة للعادة، فهل نسمي عباد البقر أولياء؟
وإننا نحذر الناس من الاغترار بحال هذا الرجل وأمثاله فإنما هم فتنة للناس يستدرجونهم إلى مخالفة الله، ويهونون عليهم ترك أوامره، وهو من أعظم البلاء في الإسلام، وكفى بسيدنا رسول الله وصحابته أولياء، أولئك هدى الله فبهداهم اقتده… والحمد لله رب العالمين.



الحكمة في الاغتسال من الجنابة

س: تناقشت مع أحد الأصدقاء في وجوب الغسل بعد الجماع، فكانت دهشتي أن يقول لي: إنه لا يفهم حكمة لغسل الجسم كله بعد الاتصال بالزوجة، ولذلك يكتفي في بغسل الأعضاء التناسلية فقط في مثل هذه الحالة، وحاولت أن أقنعه فلم يقتنع.
أرجو توضيح ذلك وشكرا.

ج: الغسل بعد الجنابة فريضة إسلامية ثبتت بالكتاب والسنة والإجماع.
فمن الكتاب قوله تعالى: (وإن كنتم جنبا فاطهروا)المائدة:6، وقوله (يأيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا -إلا عابري سبيل- حتى تغتسلوا)النساء:43.
ومن السنة أحاديث كثيرة غزيرة متفق عليها.
وقد أجمع المسلمون من كل المذاهب وفي كل القرون على أن الغسل فرض بعد الجماع والإنزال، وأصبح هذا الحكم من المعلوم من دين الإسلام بالضرورة، بحيث يخرج من أنكره عن زمرة المسلمين، ولا يستحق اسم الإسلام، إلا أن يكون حديث عهد بدخول الإسلام، أو ناشئا ببادية بعيدة عن مصادر المعرفة في أمصار المسلمين.
أما السؤال عن الحكمة من تعميم الجسد كله بالماء في حين أن الذي أصابه القذر جزء صغير منه، فنحن نقدم للجواب بهذا المثال:
إذا وصف الطبيب للمريض دواء يأخذ منه ملعقة قبل كل وجبة، ودواء آخر يأخذ منه ملعقتين بعد الأكل، ودواء ثالثا يشتمل على حبوب وأقراص يتناول منه عددا معينا في مواقيت محددة. فهل من شأن المريض أن يقول للطبيب: لماذا كان هذا قبل الأكل وذاك بعده؟ ولما أتناول من الحبوب الكبيرة ثلاثا ومن الصغيرة واحدة؟
وهل تتسع مداركه ومعارفه ليشرح له الطبيب الحكمة في ذلك مفصلة، ويقفه على أسرار تركيب الدواء وملاءمته لإزالة الداء؟؟
هذا بالضبط هو ما نقوله لمن يريد أن يعرف أسرار تفاصيل العبادات -ومنها الطهارة والغسل-، فالعبادات -كما قال الإمام الغزالي- أدوية للقلب الإنساني، تشفيه من مرض الغفلة والغرور والنسيان لحق الله تبارك وتعالى. ومن حق الله سبحانه أن يستأثر بسر تركيب هذه الأدوية الروحية، وقد يتفضل فيطلعنا على شيء منها. وحسب المؤمن أن يعلم أنه تعالى لا يصف لنا إلا ما فيه خيرنا وصلاحنا (والله يعلم المفسد من المصلح)البقرة:220.(ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير؟) الملك:14.
وكم من أمور تعبدنا الله بها لم نكن نعرف سرها، ثم تقدمت عجلة الزمن وكشف العلم عما في أمر الله ونهيه من حكم ومنافع.
إن الأصل في العبادات أن تؤدى امتثالا لأمر الله، وشكرا لنعمته، سواء عرف الإنسان كل الحكمة منها أم لم يعرف فالعبد عبد، والرب رب، للرب أن يأمر وينهى وعلى العبد أن يسمع ويطيع. ولو كان الإنسان لا يطيع الله إلا فيما اقتنع به عقله المحدود لكان في هذه الحالة مطيعا لعقله لا مطيعا لربه. وليختر المؤمن لنفسه.
ومع كل ما ذكرنا فإن الاغتسال بعد الجماع لا يخلو من حكمة لمن أنصف وتأمل ونظر نظرة أعمق.
ويعجبني هنا ما قاله الإمام ابن القيم ردا على من عجب من تفرقة الشارع بين المنى والبول فأوجب الغسل من المنى دون البول قال:
"هذا من أعظم محاسن الشريعة وما اشتملت عليه من الرحمة والحكمة والمصلحة، فإن المنى يخرج من جميع البدن. ولهذا أسماه الله "سلالة" لأنه يسل من جميع البدن، فتأثر البدن بخروجه أعظم من تأثره بخروج البول.
وأيضا فإن الاغتسال من خروج المنى من أنفع شيء للبدن والقلب والروح. فإنها تقوى بالاغتسال، والغسل يخلف على البدن ما تحلل منه بخروج المنى وهذا أمر يعرف بالحس.
وأيضا فإن الجنابة توجب ثقلا وكسلا، والغسل يحدث له نشاطا وخفة، ولهذا قال أبو ذر لما اغتسل من الجنابة: كأنما ألقيت عني حملا.
وبالجملة فهذا أمر يدركه كل ذي حس سليم، ونظرة صحيحة، ويعلم أن الاغتسال من الجنابة يجري مجرى المصالح التي تلحق بالضروريات للبدن والقلب.. وقد صرح أفاضل الأطباء بأن الاغتسال بعد الجماع يعيد إلى البدن قوته، ويخلف عليه ما تحلل منه، وأنه من أنفع شيء للبدن والروح وتركه مضر.. ويكفي شهادة الفطرة والعقل بحسنه.. على أن الشارع لو شرع الاغتسال من البول لكان في ذلك أعظم حرج ومشقة على الأمة تمنعه حكمة الله ورحمته وإحسانه إلى خلقه".أهـ
أما مشقة الغسل بعد الجماع فهي محتملة، لعدم تكرر الجماع تكرر البول، وكأن هذه المشقة الجزئية جعلت حاجزا أو لجاما يحول بين الإنسان وبين الاندفاع وراء الغريزة، والإسراف في الاتصال الجنسي. وضرر ذلك لا شك فيه.
ويلوح لي سر آخر: إن المؤمن لا يعيش لغريزته وشهواته فحسب، ولكنه يعيش لرسالة الله قبل أي شيء آخر، ولله تعالى عليه حق في كل عمل. وفي الجماع قد أدى حق نفسه وحق زوجه بقضاء الشهوة بقي حق الله تعالى وهو ما يؤديه بالاغتسال. على أن من حكمة الله تعالى أنه ربط نظافة الإنسان بأسباب طبيعية لا يمكنه الفرار منها -كخروج شيء من السبيلين في الوضوء، وكالجماع في الغسل -لتكون هذه الأسباب المتكررة سياطا تسوق الإنسان وإن تراخى وتكاسل- إلى نظافة أطرافه أو نظافة جسده كله.
ونختم هذه الكلمة بما ختم الله به آية الطهارة من سورة المائدة: (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون)المائدة:6.


الصلاة في الكنيسة

س: هل تجوز صلاة مسلم في كنيسة، إذا لم يجد مكانا يصلي فيه غيرها، كما لو كان في بلد أوروبي مثلا… أفيدونا؟

ج: جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم (أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي، -وذكر في هذه الخمس- فقال: وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل)(في الصحيحين من حديث جابر) ولهذا تعتبر جميع الأرض مسجدا للمسلم، وموضعا لسجوده وصلاته، يجوز أن يصلي فيه، وإن كان الأولى أن تبعد عن مثل هذه الأماكن خشية الشبهة. ولكن حيث لم يجد مكانا إلا هذا المكان وصلى فيه فكل الأرض لله، وكل الأرض مسجد للمسلمين. وقد كاد عمر رضي الله عنه أن يصلي في كنيسة القيامة حينما قيل له: صل. فقال: لا. لا أصلي هنا حتى لا يأتي المسلمون من بعدي ويقولون: هنا صلى عمر ويتخذون منها مسجدا للمسلمين. فيجعل المانع له هو خشية هذا الأمر فقط لا مجرد الكنيسة.
والله أعلم.


القنوت في صلاة الصبح

س: ما الحكم فيما لو نسي المصلي دعاء القنوت في صلاة الصبح؟ وماذا عليه؟

ج: دعاء القنوت في صلاة الصبح مما اختلف فيه الفقهاء: فمنهم من اعتبره سنة، ومنهم من لم يعتبره كذلك، وقد جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت في صلاة الصبح، ولكن بينت الأحاديث أنه حينما قنت كان يدعو على القوم من المشركين لما آذوا المسلمين وكان يدعو لقوم من المستضعفين من المؤمنين، فهو قنوت موقوت بأسبابه ويسميه الفقهاء "قنوت النوازل" أي حينما تنزل بالمسلمين نازلة وحينما تقع بهم كارثة فمن المسنون والمشروع أن يدعوا في صلواتهم الجهرية، ويتضرعوا إلى الله عز وجل أن يكشف السوء وأن يفرج الكرب وأن يزيح الغمة عنهم، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وبعض العلماء والأئمة كالشافعية يرون سنية القنوت في الصبح على صورة دائمة، وعلى كل حال، فمثل هذه الأمور، من الأمور التي يجوز فيها هذا وهذا، وإذا تركها المسلم فلا شيء عليه.
وقد ورد أن الشافعي حينما ذهب إلى بغداد لم يقنت في الصبح إكراما ورعاية لخواطر أصحاب الإمام أبي حنيفة، مما يدل على أن في هذا الأمر من السعة ومن البحبحة، ومن الرخصة ما لا ينبغي التشدد في مثله.



الخلاف في الجهر بالبسملة عند قراءة الفاتحة في الصلاة

س: أنا إمام مسجد، شافعي المذهب، وهذا يجعلني أجهر بالبسملة عند قراءة الفاتحة في الصلاة الجهرية. كما أني أدعو بدعاء القنوت بعد القيام من الركعة الثانية في صلاة الصبح، كما هو مذهب الشافعي. ولما كان أكثر الذين يصلون خلفي حنابلة، فإنهم يعترضون على صلاتي بهذه الصورة. فهل يجوز لي أن أتنازل عن مذهبي من أجل الأكثرية التي تصلي بالمسجد؟ أم يجب على المصلين أن يتبعوا مذهبي لأني إمامهم؟

ج: رغم أني أرجح مذهب الحنابلة في المسألتين المذكورتين في السؤال، لأدلة لا مجال لذكرها هنا. أرى أن حدة الاختلاف على مثل هذه الأمور الاجتهادية لا تجوز. لأن الخلاف في مثل هذه القضايا يدور بين الجائز والأفضل، لا بين الجائز والممنوع، ولكل رأي فيها دليل ووجهة.
ولقد رووا عن الإمام الشافعي رضي الله عنه أنه صلى الصبح بغير قنوت عندما زار بغداد، بلد الإمام أبي حنيفة وأصحابه، مراعاة لهم. وهو لون من أدب الأكابر حتى مع الموتى، ونظرتهم الواسعة السمحة إلى آراء المخالفين.
أما تعصب كل ذي مذهب لمذهبه، وإنكاره على مخالفيه في مثل هذه المسائل الاجتهادية، فليس هذا من شأن أهل العلم والتحقيق، ولم يكن من أخلاق سلف هذه الأمة. وإنما هو من شأن أهل الجهل والعصبية. ولا غرو إذا أنكره أكابر العلماء وأدانوه وخاصة من الحنابلة.
قال العلامة ابن الجوزي -وهو حنبلي- في كتاب "السر المصون": "رأيت جماعة من المنتسبين إلى العلم يعملون عمل العوام. فإذا صلى الحنبلي في مسجد شافعي تعصب الشافعية، وإذا صلى الشافعي في مسجد حنبلي وجهر بالبسملة تعصب الحنابلة. وهذه مسألة اجتهادية "والعصبية فيها مجرد أهواء يمنع عنها العلم".
وقال في شرح غاية المنتهى:
"من أنكر شيئا من مسائل الاجتهاد، فلجهله بمقام المجتهدين وعدم علمه بأنهم أسهروا أجفانهم، وبذلوا جهدهم ونفائس أوقاتهم في طلب الحق، وهم مأجورون لا محالة أخطأوا أو أصابوا، ومتبعهم ناج، لأن الله شرع لكل منهم ما أداه إليه اجتهاده، وجعله شرعا مقررا في نفس الأمر. كما جعل الحل في الميتة للمضطر، وتحريمها على المختار، حكمين ثابتين في نفس الأمر للفريقين بالإجماع، فأي شيء غلب على ظن المجتهد، فهو حكم الله في حقه وحق من قلده".
ونقل عن ابن تيمية في الفتاوى المصرية قوله:
مراعاة الائتلاف هي الحق، فيجهر بالبسملة أحيانا لمصلحة راجحة، ويسوغ ترك الأفضل لتأليف القلوب، كما ترك النبي صلى الله عليه وسلم بناء البيت من خشية تنفيرهم. نص الأئمة كأحمد على ذلك في البسملة ووصل الوتر وغيره مما فيه العدول من الأفضل إلى الجائز، مراعاة للائتلاف أو لتعريف السنة، أو أمثال ذلك، والله أعلم.
ويشير بترك بناء البيت إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه لعائشة (لولا قومك حديثو عهد بجاهلية، لبنيت الكعبة على قواعد إبراهيم)(رواه البخاري).
وهذا العلامة ابن القيم يتحدث في "زاد المعاد" عن القنوت في صلاة الصبح، بين من أنكره مطلقا -في النوازل وغيرها- واعتبره بدعة، وبين من استحبه مطلقا في النوازل وغيرها، ويرجح أن هديه صلى الله عليه وسلم هو القنوت عند النوازل، كما دلت عليه الأحاديث، وأن هذا ما أخذ به فقهاء الحديث، فهم يقنتون حيث قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتركونه حيث تركه، فيقتدون به في فعله وتركه، ويقولون: فعله سنة، وتركه سنة. مع هذا فلا ينكرون على من داوم عليه، ولا يكرهون فعله، ولا يرونه بدعة، ولا فاعله مخالفا للسنة، كما لا ينكرون على من أنكره عند النوازل…الخ، بل من قنت فقد أحسن ومن تركه فقد أحسن.
قال: وركن الاعتدال (أي من الركوع) محل للدعاء والثناء، وقد جمعهما النبي صلى الله عليه وسلم فيه. ودعاء القنوت ثناء ودعاء فهو أولى بهذا المحل. وإذا جهر به الإمام أحيانا ليعلم المأمومين فلا بأس بذلك.
فقد جهر عمر بالاستفتاح ليعلم المأمومين، وجهر ابن عباس بقراءة الفاتحة في صلاة الجنازة ليعلمهم أنها سنة. ومن هذا أيضا جهر الإمام بالتأمين.
"وهذا من الاختلاف المباح، الذي لا يعنف فيه من فعله ولا من تركه. وهذا كرفع اليدين في الصلاة وتركه، وكالخلاف في أنواع التشهدات، وأنواع الآذان والإقامة، وأنواع النسك (يعني الحج) من الإفراد والقران والتمتع.
"وليس مقصدنا إلا ذكر هديه صلى الله عليه وسلم فإنه قبلة القصد، وإليه التوجه في هذا الكتاب، وعليه مقدار التفتيش والطلب. وهذا شيء والجائز الذي لا ينكر فعله وتركه شيء. فنحن لم نتعرض في هذا الكتاب لما يجوز، ولما لا يجوز، وإنما مقصودنا فيه هدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يختاره لنفسه، فإنه أكمل الهدى وأفضله. فإذا قلنا: لم يكن من هديه المداومة على القنوت في الفجر ولا الجهر بالبسملة، لم يدل ذلك على كراهية غيره، ولا أنه بدعة ولكن هديه أكمل الهدى وأفضله"(زاد المعاد ج1ص144).
وأكثر من ذلك أن للمأموم أن يصلي وراء إمامه، وإن رآه يفعل ما ينقض الوضوء، أو يبطل الصلاة في نظره هو -أي المأموم- مادام هذا سائغا في مذهب الإمام.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
"المسلمون متفقون على جواز صلاة بعضهم خلف بعض، كما كان الصحابة والتابعون ومن بعدهم من الأئمة الأربعة، يصلي بعضهم خلف بعض، ومن أنكر ذلك فهو مبتدع ضال مخالف للكتاب والسنة وإجماع المسلمين".
"وقد كان في الصحابة والتابعين ومن بعدهم من يقرأ بالبسملة، ومنهم من لا يقرأ بها، ومع هذا، كان بعضهم يصلي خلف بعض، مثلما كان أبو حنيفة وأصحابه والشافعي وغيرهم يصلون خلف أئمة أهل المدينة من المالكية، وإن كانوا لا يقرؤون بالبسملة لا سرا ولا جهرا".
"وصلى أبو يوسف خلف الرشيد وقد احتجم، وأفتاه مالك: لا يتوضأ، فصلى خلفه أبو يوسف ولم يعد".
"وكان أحمد بن حنبل يرى الوضوء من الحجامة والرعاف. فقيل له: فإن كان إمامي قد خرج منه الدم ولم يتوضأ، أصلي خلفه؟ فقال: كيف لا تصلي خلف سعيد بن المسيب ومالك؟ قال: "وفي هذه المسألة صورتان":
إحداهما: ألا يعرف المأموم أن إمامه فعل ما يبطل صلاته، فهنا يصلي المأموم خلفه باتفاق السلف والأئمة الأربعة وغيرهم، وليس في هذا خلاف متقدم.
الثانية: تيقن المأموم أن الإمام فعل مالا يسوغ عنده، مثل أن يمس ذكره، أو النساء لشهوة، أو يحتجم أو يفصد، أو يتقيأ، ثم يصلي بلا وضوء -فهذه فيها نزاع مشهور. وصحة صلاة المأموم هو قول جمهور السلف، وهو مذهب مالك، وهو قول آخر في مذهب الشافعي وأبي حنيفة. وأكثر نصوص أحمد على هذا.
وهذا هو الصواب("الفواكه العديدة في المسائل المفيدة" في الفقه الحنبلي ج2 ص181).
بعد هذا البيان نستطيع أن نقول للإمام صاحب السؤال: إنك لو تنازلت عن مذهبك في الجهر بالبسملة وقنوت الفجر من أجل الأكثرية التي تصلي خلفك من الحنابلة فلا جناح عليك.
وكذلك نقول لجماعة المأمومين خلفه من الحنابلة: إنكم إذا صليتم خلف إمام يخالفكم في هاتين المسألتين أو غيرهما، فلا حرج عليكم.
وقد نقلت عن أئمة الحنابلة خاصة ابن الجوزي وابن تيمية وابن القيم، ما يريح الضمائر ويطمئن الخواطر. والحمد لله رب العالمين.



صلاة الخوف

س: أرجو التكرم بإرسال ضوء على صلاة الخوف وكيفيتها.

ج: صلاة الخوف، ذكرت في القرآن الكريم في موضعين، حيث قال الله تعالى: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين، فإن خفتم فرجالا أو ركبانا فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون)البقرة:238،239.
المحافظة على الصلوات بأركانها، وركوعها، وسجودها، وقبلتها، وشروطها كلها، هذا أمر واجب، إلا في حالة الخوف. وفي حالة الخوف إذا اشتد، فإذا جاء الخوف كحالة الحرب، حيث يواجه المسلمون العدو، وهم في الصفوف، والحرب مستعرة الأوار، والسيوف تنطق حيث الألسنة تصمت، في هذه الحال، هل تسقط الصلاة عن المسلم المقاتل؟ لا… لا تسقط الصلاة وإنما يصلي حيث استطاع، راجلاً أو راكباً، ماشياً على رجليه، أو راكباً فرسه، أو دبابته، أو مصفحته، (فإن خفتم فرجالا أو ركبانا) أي صلوا كيف استطعتم، لو كنتم تقاتلون بالسيوف، صلوا بالإيماء، إشارة بالرأس، أو بالحواجب وأدوا أعمال الصلاة وأقوالها باللسان إن استطعتم، أو استحضروها في قلوبكم ولا تتركوا الصلاة… ممكن أن تجمع بعض الصلوات، كالظهر مع العصر، أو المغرب مع العشاء، تقديما أو تأخيرا ولكن… لا يؤجل أكثر من صلاتين، ولا يجمع بين وقتين غير الظهر والعصر، والمغرب والعشاء فهذه صلاة الخوف في حال شدة الخوف.
وهناك صلاة أخرى إذا كان الخوف أقل من ذلك، يصلون جماعة خلف إمام واحد حرصا على صلاة الجماعة ووحدتها وأهميتها، وهذا ما جاء في سورة النساء حيث قال الله تعالى مخاطبا رسوله: (وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم، فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم، ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا، فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم، ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة، ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم وخذوا حذركم إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا)النساء:102 جاء القرآن الكريم بهذه الصورة من صور صلاة الخوف: أن يكون جماعة مع الإمام يصلون معه الجماعة، حرصا على الجماعة، وأهميتها، وجماعة يواجهون العدو، فإذا صلى الإمام نصف الصلاة انقلب أولئك فذهب مكان هؤلاء، وجاء الآخرون ليصلوا مع الأمام ركعة، ويكملوا بعد ذلك، ويكمل الآخرون في موضعهم إلى صور كثيرة وردت في صلاة الخوف. المهم أن صلاة الخوف في هذه الصورة هي أن يبقى المصلون حريصين على صلاة الجماعة مع الإمام، ولا يتركوها، حتى مع حالة الحرب، وحالة الخوف، فالصلاة ليست شيئا معوقا ولا معطلا، وإنما هي شحنة روحية للمحارب تمده بروح القوة، وبقوة الروح، ومدد لعزيمته، يستطيع بها أن يجابه الأعداء، وأن يقف فيثبت كالليث، ويرسخ كالجبل الأشم، فلا يتزعزع، ولا يتزلزل.
هذه هي صلاة الخوف، ومنها نأخذ درسين أو عبرتين بالغتين:
العبرة الأولى: هي الحرص على الصلاة في أي موضع وعلى أي حال.
والعبرة الثانية: هي الحرص على صلاة الجماعة ووحدتها… فإن الإسلام… وإن القرآن قد أباح التنقل وقسمة الصلاة بين طائفتين، وذهاب هؤلاء ومجيء أولئك، وأخذ الأسلحة ووضع الأسلحة، إلى غير ذلك من التفصيلات، كل هذا لتبقى صلاة الجماعة وراء إمام واحد، ويبقى هذا الشعار الإسلامي "الجماعة" (واركعوا مع الراكعين).
هاتان هما العبرتان اللتان نستفيدهما من صلاة الخوف، كما شرعها الإسلام.


الأذان قبل وقت الفجر

س: هل يجوز الأذان قبل دخول الفجر الصادق بساعة أو بنصف الساعة، وقول المؤذن "الصلاة خير من النوم"؟ وهل تجزئ سنة الفجر في ذلك الوقت وتجزئ صلاة الفجر المفروضة أيضا؟

ج: الأصل في الأذان أنه جعل للإعلام بدخول الوقت، فلا بد أن يدخل الوقت ثم يؤذن المؤذن، فلا يجزئ الأذان قبل الوقت، لأنه يخل بالمقصود منه، والإعلام بدخوله، إلا في صلاة الفجر خاصة، فإنه يجزئ الأذان لها قبل دخول وقتها كما كان يفعل بلال مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن بلالاً يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم) أباح لهم بعد أذان بلال أن يأكلوا ويشربوا ويتسحروا للصيام حتى يؤذن ابن أم مكتوم وكان هو يؤذن عند دخول الوقت، وهذا حديث متفق عليه. ولأن وقت الفجر بالذات وقت النوم، والناس رقود، يحتاجون إلى التأذين قبل الوقت، ليتسحر الصائم ويتنبه النائم، ويتأهب للصلاة، بخلاف سائر الصلوات، فالناس أيقاظ متنبهون. ولا يؤذن قبل الوقت إلا مؤذن يتخذ ذلك عادة، ويعرف أهل الحي أو أهل القرية صوته، فلا يغر الناس، ولا يضللهم، ويكون معه مؤذن آخر، يؤذن في الوقت، كما كان يفعل بلال وابن أم مكتوم، فالناس إذا سمعوا بلالا عرفوا أنه يؤذن قبل الوقت، ليتنبه النائم، ويتسحر الصائم، وإذا سمعوا ابن أم مكتوم عرفوا أنه قد دخل وقت الفجر فحل عند ذلك صلاة السنة ثم صلاة الفريضة، وهكذا…
كما أن السنة في الأذان الأول أن يخلو من فقرة (الصلاة خير من النوم) وهذا تمييز مهم للأذان الأول عن الثاني، فالأذان بهذه الصيغة مشروع في الفجر، إذا كان هناك من يعرف الناس صوته، وكان هناك مؤذن آخر يؤذن لصلاة الفجر.
بهذه القيود أجاز العلماء الأذان الأول قبل دخول وقت الفجر.
والله أعلم.



الوضوء وعلى الأصبع مطاط

س: هل يجوز وضوء من يضع على أصبعه المصابة لفافة من المطاط… وليس ينزعها عند الوضوء خشية أن يزيد المرض؟

ج: هذا المطاط، إذا كان قد وضع لغرض طبي، فهو ما يعرف في الشرع باسم "الجبيرة" وهي اللفافة التي توضع على الجرح أو على الكسر، فيجوز في هذه الحالة لواضعها أن يتوضأ ويمسح على الجبيرة. ويكفيه هذا المسح وهناك اختلاف بين الأئمة، بعضهم يشترط أن يكون وضع الجبيرة على طهارة وبعضهم لا يشترط ذلك، وبعضهم يوجب عليه أن يتيمم وبعضهم لا يوجب ذلك، وأرى أن التيسير يقتضي ألا نشترط أن يكون العضو على طهارة حينما وضعت عليه الجبيرة، ويكفي أن تمسح عليه، والله بالعباد رؤوف رحيم.


الحكمة في صلاة الكسوف والخسوف

س: كان الاعتقاد -قديما- أن كسوف الشمس وخسوف القمر إنما يحدثان من غضب الله على الناس، بشؤم كفرهم ومعاصيهم، وقد ثبت اليوم بسبب تقدم العلوم الكونية أن الكسوف والخسوف أمر عادي يحدث لأسباب طبيعية معروفة يدرسها التلاميذ في مدارسهم. فهو ظاهرة طبيعية كالمد والجزر وما شابه ذلك.
ولهذا نسأل عن الحكمة في الصلاة التي شرعها الإسلام عند الكسوف والخسوف، فإن الملاحدة أعداء الدين يستغلون ذلك للطعن في الإسلام، وأنه بنى هذه الصلاة على الخرافات القديمة التي كانت شائعة بين الناس، بدعوى أن الصلاة لرفع غضب السماء عن أهل الأرض.
هذا مع أن الكسوف معروف عند علماء الفلك قبل أن يحدث، متى يحدث؟ وأين يحدث؟ وكم يمكث؟…الخ، فلا يتصور حينئذ أن ترفعه صلاة أو دعاء.
أرجو بيان ذلك مكتوبا لنشره وإذاعته، إقناعا للمتشككين. وإفحاما للمشككين.

ج: لم يجئ في القرآن الكريم ذكر لصلاة الكسوف والخسوف. وإنما وردت بها السنة المطهرة من قول الرسول صلى الله عليه وسلم وفعله. وذلك في السنة العاشرة للهجرة حين كسفت الشمس فصلى بأصحابه وأطال الصلاة حتى انجلت الشمس.
ولم يرد فيما اتفقت عليه الروايات الصحيحة أن هذا الكسوف كان نتيجة لغضب من الله على الناس. كيف وقد حدث ذلك بعد أن جاء نصر الله والفتح ودخل الناس في دين الله أفواجا، وانتشر نور الإسلام في كل ناحية من
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://al-shikh-mohamed.alafdal.net
 
ما حكم تارك الصلاة؟
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
فضيلة الشيخ عبد الله السيد :: فتـاوى-
انتقل الى: